إستمع إلى المقال صوتياً
كشفت دراسة لمركز قراءات لأبحاث ودراسات الشباب بالتعاون مع مؤسسة محمد
وعبد الله ابراهيم السبيعي الخيرية بعنوان "كيف ينظر الشباب السعودي إلى
أنفسهم وأدوارهم في المجتمع؟"[1] أن نحو 18% فقط من الشباب السعودي راضون
بشدة عن استثمار طاقاتهم، كما أشارت الدراسة إلى أن نحو 29% عبروا عن عدم
رضاهم بدرجات متفاوتة.
ويمكن قراءة
أرقام هذه الدراسة من زاويتين مختلفتين:
قد تكون الأولى
مبشرة إذ أن عدم رضا الشباب عن استثمار طاقاتهم بالشكل النموذجي يمثل فرصة وجود
أعداد كبيرة من الشباب الراغبين في البذل والعطاء. وهم بذلك مادة خام تنتظر أصحاب
المبادرات والمشاريع والأطروحات لاستثمارها واستخراج الكنوز الدفينة فيها.
لكن من زاوية
ثانية يجسد عدم الرضا تهديدًا يتمثل في وجود طاقات مركونة غير مفعلة. فطاقات
الشباب تشبه إلى حد كبير الوقود المخزن دون استعمال، إذ رغم أنه لا خلاف على قيمته
وأهميته، لكنه يمثل تهديدًا محتملًا بالانفجار في أية لحظة.
يحتاج
الشاب في فترات عمره المختلفة، لا سيما في بواكير الشباب ومرحلة المراهقة، إلى ما
يشغل وقته وذهنه ويفرغ طاقاته بشكل مفيد يلمح أثره الطيب وينعكس على حياته
إيجابيًا.
وعليه فإن واجب
الدولة، والمؤسسات الأهلية سواء كانت خيرية أو تنموية، أن توجد هذه المسارات
المتنوعة التي تناسب جميع المشارب وتستوعب التباين في الشخصيات والمهارات والقدرات.
وسواء عملت هذه
المؤسسات على ترقية الشباب أنفسهم، ببرامج تدريبية على الحرف والتقنيات واكتشاف
المهارات الأدبية والفنية والرياضية، أو استفادت من هذا الزخم غير المنقطع في علاج
المشكلات المحلية كالقضايا البيئية والأعمال التطوعية، فإن الناتج النهائي سوف يصب
في بناء وطن قوي.
إنّ ترك الشباب
نهبًا للفراغ يؤدي إلى بحثهم بطرق غير مأمونة عما يسد هذا الخواء، مما قد يجرفهم
إلى الانخراط في ممارسات وأنشطة مضرة على المستوى الفردي والعام، فضلًا عما يورثه من
عادات سيئة كالكسل والتواكل والتراخي وفقدان الحس بالمسؤولية واللامبالاة، بل وعدم
إدراك قيمة الحياة نفسها فيجنح إلى سلوكيات خطيرة.
إنّ توجيه
الشباب في هذه المرحلة العمرية الهامة إلى مجالات محددة يمكنهم أن يجدوا فيها
تحديًا لقدراتهم، مسؤولية مشتركة بين عدة أطراف، تبدأ من الأسرة والبيت مرورًا
بالمدارس والجامعات والهيئات التعليمية وكذلك المؤسسات الدينية والدعوية ومنظمات
المجتمع التطوعية والإعلام وتنتهي عند الحكومة ووزارتها.
عندما يشعر الشباب أنهم في مركز اهتمام الجميع، وأن مسارات استثمار الطاقات أصبحت متاحة ومتوفرة، فسوف يسارعون إلى تبني كل مبادرة خيرة، وينهضون بكل مشروع نافع، مما سينعكس على رضاهم عن أنفسهم واستثمار قدراتهم.
,شارك المنشور مع أصدقائك
ادرج تعليق
الرجاء تصحيح الأخطاء التالية :
{{ error }}
التعليقات (0)