ولمّا كانت التربية عملية تراكمية مستمرة ودائمة تبدأ منذ ولادة الطفل ولا تنقطع يومًا، كان حريًّا بالمربين البحث عن أفضل الوسائل التربوية التي تناسب المراحل العمرية المتعددة في حياة الإنسان، والخصائص النفسية والعقلية والبدنية لكلٍ منها.

ومن هنا نزع البعض إلى تبني فكرة التربية بالترفيه، ويقصد بها غرس القيم الإسلامية وفق مناهج وأنشطة ومناخات ترفيهية تختلف عن تلك المناخات التقليدية السائدة في مؤسسات التعليم.

وقد كان لمؤسسة محمد وعبدالله ابراهيم السبيعي الخيرية مبادرة رائدة في هذا الشأن عندما أطلقت ملتقى غرس القيم بالترفيه[1] الذي تضمن عدة أوراق عمل ثرية في هذا المضمار.

وقد كشفت المبادرة أن من أهدافها نشر ثقافة التعليم بالترفيه أو غرس القيم بالترفيه لدى المستهدفين، وتمهير شرائح ومرجعيات محددة في سبيل ذلك، وكذلك ا لاطلاع على نماذج وأدوات في ذات المجال.

لا شك أن الترفيه بشكل عام هو الأسلوب الأكثر ملائمة بين أساليب التلقي في المراحل العمرية المبكرة، القائمة على الحركة والمرح والنشاط، كما أنه يساعد على توفير مناخ حرّ لا يشعر فيه الطفل بالضغط النفسي والإجبار والتكليفات، كما في فصول الدراسة، وبذلك يعمل على تقريب المتلقي من المربي والمادة التربوية.

من جانب آخر فإن الأنشطة الترفيهية قادرة على استيعاب شرائح واسعة من الأطفال، باختلافاتهم الجسدية والعقلية، فالأنشطة الترفيهية متعددة ومتباينة بما يتيح لمختلف أنواع الذكاء فرصة التفاعل والاندماج.

فيجد الطفل بين هذه البدائل المتعددة مجالًا للاختيار والمفاضلة، حسب ما يوافق ميوله النفسية ويناسب قدراته الذهنية والبدنية.

وفي حديثنا عن غرس القيم لا بد أن ننوه إلى أن ما يبث على قنوات التلفاز والإنترنت قد لا يكون الأمثل تربويًا لأطفالنا، ورغم ذلك يتمتع بمقومات الجذب وإثارة الانتباه، مما يؤدي إلى تعلق الأطفال به ويجعل التربية بالترفيه منافسًا قويًا للمنتجات الإعلامية غير الرشيدة.

وباستعراض أهمية الترفيه في عملية التربية وغرس القيم، يتضح لنا أنه قد يكون المخرج الأفضل نحو صناعة أجيال تربى تربية متكاملة وشاملة، دون أن يضطرنا ذلك إلى استيراد أفكار وبرامج تهمل الجوانب الروحية عند أبنائنا لحساب الجوانب العقلية والمهارية، مما ينشئ لاحقًا شبانًا وفتيات يعانون من انفصام بين هويتهم وما غرس في عقولهم.