إستمع إلى المقال صوتياً
وقد تطور الاتصال البشري بتطور الإنسان فانتقل معه من البساطة إلى التعقيد، ومن الفردية إلى الجماعية، ومن المحليّة إلى العالمية، ما أدى إلى بروز تحدٍ متنام يتعلق بأخلاقيات الاتصال وأدبياته وقواعده الحاكمة.
ولمّا صار الاتصال الإليكتروني أحد أنواع الاتصالات المستخدمة بكثرة في العلاقات البشرية؛ ونقصد هنا الاتصال الذي يتم بغرض نقل المعلومات والأفكار والمشاعر بين الأفراد باستخدام الأنظمة والوسائط المعلوماتية وشبكة اتصال إلكترونية (إنترنت)؛ فإنه من الضروري أن يواجه مستخدمو هذا النوع من التواصل إشكاليات تتمحور حول الضوابط الأخلاقية وحدود الحريّات العامة والشخصية.
على مستخدمي التواصل الإليكتروني أن يضبطوا تعاملات العالم الافتراضي بنفس درجة الحزم والإرادة والالتزام الأخلاقي الذي يضبطون به معاملاتهم في العالم الحقيقي.
في البداية من الواجب أن نذكر بعض استخدامات الإنترنت الأكثر شيوعًا في الوقت الحالي، وهي: الاتصالات، البحث، النشر، الألعاب، المبيعات، الإعلانات، التعاملات المالية والتخاطب.
هذا التنوع والشمول يجعل من الصعوبة بمكان الحديث عن قواعد أخلاقية موحدة لا سيما عندما يجري التعامل بين ثقافات وبيئات متباينة أشد التباين بين الانفتاح والانغلاق، أو محكومة بشرائع وأعراف وأخرى منفتحة غير منضبطة.
في العموم قد ننجح في وضع قائمة أولية تحتوي المبادئ الأخلاقية العامة، فلا نعتقد أن هناك من يختلف على أن استخدام التواصل الإليكتروني لإرسال رسائل تهديد أو ابتزاز أو مواد تحث على العنف والكراهية يمثل خرقًا للأخلاق في كل البيئات والثقافات.
كما أن تعطيل الشبكات، وقرصنة المعلومات الشخصية والعامة، وتهديد السلم العام، والأمن الداخلي، ونشر الملفات الضارة، وانتحال الشخصيات والسرقة، كل هذا يندرج تحت لائحة الأفعال المؤذية غير الأخلاقية.
ومع ذلك، قد تبدو بعض الممارسات ملتبسة على البعض أحيانًا، وأوضح مثال على ذلك تحميل المواد ذات حقوق الملكية الفكرية؛ فكثير من الطلاب والدارسين ومحبي الاطلاع والثقافة قد يلجئون إلى استعمال كتب أو مواد بصرية وسمعية مرفوعة بطريقة غير مشروعة على مواقع الإنترنت، نظرًا لعدم توافر المادة بشكل شرعي أو لارتفاع أسعارها.
وفي الحقيقة، ورغم كل ما يمكن أن يقدم من مسوّغات وأعذار، فإن هذه الممارسات لا يمكن استبعادها من لائحة الأفعال غير الأخلاقية على الإنترنت، إذ إنها تضرّ بمصلحة الأفراد والهيئات أصحاب حقوق الملكيّة وتؤثر على مواردهم.
ومن هنا، فإن الحريّة المكفولة على الإنترنت ليست حرية مطلقة وإنما مقيّدة بأحكام الشرع في المقام الأول ومنظومة القيم الأخلاقية للأفراد والأمم ثانيًا.
وعلى مستخدمي التواصل الإليكتروني أن يضبطوا تعاملات العالم الافتراضي بنفس درجة الحزم والإرادة والالتزام الأخلاقي الذي يضبطون به معاملاتهم في العالم الحقيقي.
,شارك المنشور مع أصدقائك
ادرج تعليق
الرجاء تصحيح الأخطاء التالية :
{{ error }}
التعليقات (0)